رمضان له ميزة خاصة عند المسلمين، لأنّ أبرز الفرائض فيه الصوم ، والصوم عبادة من العبادات التي فرضها الله على عباده بميزة خاصة ... لذلك كان قوله سبحانه و تعالى في حديثه القدسي " كل عمل بن آدم له إلا الصوم فهو لي و أنا أجزى به" ، و كان قول الرسول الكريم "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" فكان لشهر رمضان الكريم منزلة خاصة بين الشهور عند الله سبحانه و تعالى بنزول الوحى بالقرآن على نبى الله محمد صلى الله عليه و سلم فيقول الله تعالى فى كتابه الكريم " {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }البقرة185 " و لأن الله فضل هذا الشهر الكريم و فرض فيه عبادة الصوم على أمة محمد صلى الله عليه و سلم فلقد حبب خلقه فيه فترى المسلمين فى هذا الشهر جميعهم على قلب رجل واحد و حتى أولئك الذين يقصرون فى بعض العبادات تجدهم فى هذا الشهر الكريم حريصون على فريضة الصوم و على التقرب إلى الله سبحانه و تعالى ....
والمعلوم ان الله سبحانه و تعالى حين فرض الفروض على عباده لم يفرضها بعلة فالعبادات لا تعلل ، والحقيقة التي لا تمارى أن جميع الفروض قد فرضها الله تعالى بحكمة أرادها قد ندركها وقد لا ندركها، فكان من حكم فرض الصوم أن يدرب الله عباده على طاعته و الامتثال لأوامره فتكثر الصدقات، لذا ترى الناس و هم يتسابقون فى فعل الخيرات من فرائض ومندوبات فى ذلك الشهر الكريم و ترى الناس و قد رقت قلوبهم و أصبحوا أكثر تكافل ومودة و رحمة. وفي الصوم تهذيب للنفس و إخماد للشهوات فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم فى حديثه الصحيح "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه وجاء".
ويمتاز شهر رمضان، أنه شهر المواساة والتراحم والتكافل بين المسلمين، حيث حثّ الإسلام على الصدقة في هذا الشهر توثيقا لرابطة المسلمين بعضهم مع بعض، وسدا لحاجة الفقراء والمساكين. فعن زيد بن خالد الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا" (أخرجه الترمذي في سننه وقال: هذا حديث حسن صحيح فقوله صلى الله عليه وسلم "من فطّر صائما" أي أطعمه وسقاه عند إفطاره دعوة إلى الترابط والتكافل والمواساة. فالترابط يظهر من خلال زيارة الأهل والأصحاب وما تنتجه الزيارة من ود ومحبة وتمتين لأواصر الرحم والصحبة. وأما التكافل والمواساة فيظهران في العطف على الفقراء بإطعامهم وما يمثله ذلك من مساعدة لهم على أداء الفريضة وإشعارهم بالأخوة في الدين وأنهم جزء من المجتمع غير منسي. ). والحقيقة، أن الغرض الأسمى من وراء قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من فطر صائما كان له مثل أجره"، هو حث الناس على إطعام الفقراء خاصة، وإن دخل في عموم الطلب إفطار الصائم مطلقا ولو كان غنيا. ذلك أن الفقراء في رمضان أحوج من غيرهم إلى لقمة تسد رمقهم وتقويهم على عبادة الصيام والقيام. فليس المقصود من الحديث، كما فهم بعض الناس، أن نفطّر الغني، أو نتخذ من رمضان مناسبة نظهر فيها الكرم والجود على الأهل والأصحاب وإن كانوا من الأغنياء، ونترك الفقير الجائع الذي لا يجد ما يأكله، فإن هذا لا يجوز. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به" (الطبراني في الكبير).
وفي الحديث الشريف
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَـ لَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ) رواه البخاري
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ ) رواه البخاري و مسلم
وفي الحديث الشريف
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَـ لَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ) رواه البخاري
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ ]
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فِي الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ ، لاَ يَدْخُلُهُ إِلاَّ الصَّائِمُونَ ] رواه البخاري
وهناك أحاديث ثلاثة متفقٌ على صحتها فقد رواها البخاري و مسلم في صحيحهما ..
( فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ
وعنه أيضاً [ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ]
وأخيراً [ عنه أيضاً قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ]
ويقول عليه الصلاة والسلام يقول الله عز وجل ( كل عمل بن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فانه لي و أنا أجزى به ترك شهوته و طعامه و شرابه من أجلى للصائم فرحتان فرحة عند فطره و فرحة عند لقاء ربه و لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك .. الصيام جنة فإذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث و لا يصخب فان سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم ..)
عن أبي أيوب رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر ] رواه مسلم
و روى أحمد النسائي عن ثوبان مرفوعاً : [ صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة ]
وعن أبي هريرة رضى الله عنه مرفوعاً : [ من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر ] رواه البزار و غيره.
وروى الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال خرج من ذنوبه كـ يوم ولدته أمه ]
فندعوه تعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام والطاعات في الشهر الفاضل وأن يمن علينا فيه بقيام دولة الخلافة الراشدة التي تعيد لهذا الشهر نوره وبهائه وتظهر التكافل الحقيقي فيه، اللهم آمين.